مصر: تشخيص جديد لعلّة قديمة

هذه التدوينة تصدر ضمن سلسلة تستند إلى مقالات من مشروع ‘امتلك المعلومة : الحصول على المعلومات في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا

وراء مركز التجارة العالمي المصري بواجهته المهيبة اللامعة، الذي يقع على كورنيش النيل في القاهرة، تجد مستشفى بولاق أبو العلا البالي. هناك كومة من القمامة تحيط بجدران المستشفى الرثة، لتضيف إلى هذا التناقض الصارخ. هذا هو المشهد الذي واجهني عندما ذهبت إلى هناك لأول مرة محاولاً فهم أسباب حالة المستشفى المزرية هذه.

بولاق حي مهم في جغرافيا وتاريخ القاهرة، وقد ظهر على السكان الذين قابلتهم أثناء عملي مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنهم نالوا كفايتهم بسبب عشرات السنين من الإهمال والفساد. المستشفى يقع في أحد مناطق المدينة الأكثر إدراراً للربح، وتنظر السلطات على مستوى الدولة والسلطات المحلية ورجال الأعمال منذ فترة طويلة إلى هذه المنطقة بصفتها ذات أهمية استثمارية خاصة.أيمن سباعي أمام المدخل الرئيسي لمستشفى بولاق العام (من وثائقي: امتلك المعلومة).

أيمن سباعي أمام المدخل الرئيسي لمستشفى بولاق العام (من وثائقي: امتلك المعلومة).

على مدار أكثر من عشر سنوات، حاولت وزارة الصحة بيع المستشفى. ثم في عام 2004 أبرمت صفقة بمبلغ 40 مليون جنيه (5.78 مليون دولار) لتجديد المستشفى، فبدأت بهدم ملحق غسيل الكلى. لكن لم تحدث أعمال التجديد، ولم يُعاد بناء الملحق، وأصبحت معدات طبية حيوية ومهمة للمرضى مفقودة. لا إدارة المستشفى ولا الوزارة ذكرا متى ستتم عملية التجديدات أو إن كانت ستتم.

مستشفى بولاق نموذج دال على المستشفيات المصرية الأخرى التي تعاني قدراً كبيراً من الافتقار للمساءلة والشفافية في التخطيط. هناك أوجه تباين هائلة مستمرة، فيما يخص الرعاية الصحية للجميع. وفيما يلي بعض الحقائق الكاشفة:

– 15% فقط من السكان لديهم تأمين صحي

–  الإنفاق السنوي العام على الرعاية الصحية في 2012/2013 يبلغ نحو 27.4 مليار جنيه (نحو 4.5 مليار دولار)، وهو ما يعد خمسة في المائة فقط من إجمالي ميزانية الدولة

– تسعة في المائة من جميع أسرّة المستشفيات في مصر هي في مستشفيات خاصة، مما يزيد من الضغط على نظام الصحة العامة

– هناك نحو 200 مستشفى و3800 وحدة عيادات يُقال إنها في ظروف غير ملائمة لتوفير الخدمات الصحية

– نحو ثلاثة من كل أربعة مصريين يعتقدون أن ثمة فساد قائم في الخدمات الطبية والصحية

هذا ما أحاول مع زميلي محمد عبد الرءوف (في الفيلم الوثائقي بدوره) أن نصلحه. بدأنا “شمسية“، وهي منظمة تسعى لبناء نظام رعاية صحية من أسفل لأعلى من خلال مشاركة مجتمعية موسعة باستخدام نموذج تأمين متناهي الصغر. نريد أن نعرف لماذا لا تذهب الأموال العامة للناس الأكثر احتياجاً للحصول على الرعاية الصحية. نريد أن نصلح هذا النقص في المعلومات التي يوفرها المسؤولون الحكوميون بشأن القوانين والقرارات التي تؤثر على صحة الناس.

خريطة أعمال من مؤسسة شمسية

خريطة أعمال من مؤسسة شمسية

إننا نعمل مع الناس في الأحياء والتجمعات السكنية المحلية، مثل حي الجزارين، الذين يعرضون حلولهم الخاصة لمشكلاتهم اليومية بشكل شفاف يتجاوز بيروقراطية الدولة. نأمل أن نستمر في ثورتنا الصغيرة وفي تمكين الناس من المطالبة بالمعلومات عن الرعاية الصحية للخروج بقرارات مستنيرة تؤدي إلى الشفافية وتحسّن مستوى الخدمات.

egyptblog_filmcrew_200x180

يصوّر في حي الجزارين – القاهرة MINDفريق عمل

Share and enjoy: These icons link to social bookmarking sites where readers can share and discover new web pages.
  • Twitter
  • Facebook
  • Digg
  • del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • MisterWong
  • Google Bookmarks
  • Technorati
  • LinkedIn
  • NewsVine
  • YahooBuzz
  • Print
  • email