اطلع على نتائج مؤشر مُدْرَكات الفساد لعام ٢٠١٥
مرة أخرى… ثلاثة من البلدان العشرة التي حلت في قاع المؤشر الصادر هذا العام تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي العراق، وليبيا، والسودان. إن الصراعات المدمرة الجارية في هذه البلدان وغيرها – مثل سوريا واليمن – تعني حتماً أن أي جهود رامية إلى تقوية المؤسسات والدولة قد اتخذت مقعداً خلفياً. هذا في حين أن الأمن لن ينجح استمراره على المدى الطويل إلا عن طريق قطع الحكومات لأواصرها مع المحسوبية بشكل حقيقي وبنائها للثقة مع المواطنين، وسوف يتطلب ذلك تغييراً هائلاً في الإرادة السياسية.
اتخذت حكومات كثيرة من ظهور تنظيم داعش وما تبعه من حرب على الإرهاب ذريعة لقمع الحريات المدنية والمجتمع المدني.
ما هو جيد
تحسنت الكويت والأردن والمملكة العربية السعودية كل منها تحسناً طفيفاً بالمقارنة مع أداء العام الماضي. إنه العام الثالث على التوالي الذي نرى فيه حركة صعود على هذا النحو في السعودية؛ حيث لم يكن من هبوط أسعار النفط والتدخل العسكري المكلف في اليمن إلا تعزيز قرار التقشف الذي اتخذته الدولة، وهناك اعتراف سياسي بما يوجد من حاجة إلى بُنى متينة وبيئة أعمال نظيفة لجذب الاستثمار الأجنبي. وقد كان هناك أيضاً بعض الانفتاح مع زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية. من ناحية أخرى تبقى موجة الإعدامات التي اندفعت في السنوات الأخيرة القضية التي تتجلى صارخة باعتبارها جزءاً من حملة قمعية ذي نطاق أوسع على المجتمع المدني والمعارضة الداخلية.
ما هو سيء
احتفظت غالبية البلدان بعدد النقاط الضعيف نفسه، وشهد بعضها (مصر، وليبيا، والمغرب، وسوريا، وتونس) تدهوراً طفيفاً. فيظل الفساد السياسي على وجه الخصوص تحدياً ضخماً؛ إذ اتخذت حكومات كثيرة من ظهور تنظيم داعش وما تبعه من حرب على الإرهاب ذريعة لقمع الحريات المدنية والمجتمع المدني. إن هذا النهج البعيد كل البعد عن تقديم المساعدة يعني ترك شبكات الفساد الحصينة دون التصدي لها لتشكل في كثير من الأحيان إضافة أخرى إلى مراتع الأموال التي تخدم الإرهاب.
الأمن لن ينجح استمراره على المدى الطويل إلا عن طريق قطع الحكومات لأواصرها مع المحسوبية بشكل حقيقي وبنائها للثقة مع المواطنين، وسوف يتطلب ذلك تغييراً هائلاً في الإرادة السياسية.
ما يجب أن يحدث
لقد بات من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تصبح مكافحة الفساد أولوية قصوى في تلك الفترة التي تشعر فيها دول كثيرة أن ثمة تهديدات وجودية تواجهها. إن تقليص الحريات المدنية لا يمكن أن يكون خسارة متكبدة في أي حرب على الإرهاب. وبما أن الفساد مشمول في أهداف التنمية المستدامة الجديدة، بدأ المستنيرون من صناع القرار يدركون أن التنمية ومكافحة الفساد لا بد وأن تكونا مرتبطتين معاً، ولكن المواطنين في حاجة ماسة إلى أن تتجاوز حكوماتهم مرحلة صياغة المفاهيم لتنتقل إلى مرحلة تتخذ فيها فعلياً إجراءات طويلة الأجل. ولا بد أن يأخذ المجتمع المدني الحيز الذي يتيح له أن يكون شريكاً مهماً في الحرب على الفساد. فقد أثبتت الحكومات أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك وحدها.